السبت، 5 سبتمبر 2015

" البحرُ يُشبهُهمْ كَانوا همُ البحرُ"

" البحرُ يُشبهُهمْ كَانوا همُ البحرُ"




البحر يشبههم كانوا هم البحرُ
يوم ارتعاشِ الهوى فيهُمْ هُنا ضَاعوا


والشمسُ تبكي على أجسادِهمْ وهمُ
في دربِ أمواجِهمْ هَاجُوا وَما عَادوا

أين الشّعاع الذي في الأرضِ؟ يا أرضُ
 غَابوا على بُعدِ حلْمٍ من هُنا غَابوا


الغيمُ يشببهُمْ كانوا همُ الغيمُ
لم يَسْمعوا صوتَ موتٍ قادمٍ قالوا

كفى لبرقٍ يدقُّ الليل في مِلْحٍ
 يَزيدُ جرح النّوى فيهمْ وهمْ راحوا


مع السفينةِ في الأمواجِ يَا ريحُ
لا شيء يجمعهُمْ يوم التقوا مَاتوا

هُناكَ حَربٌ تصيدُ الروح فاصْطِيدوا
في الماءِ هُمْ أمْ عَلى سَطحِ المدى طَافوا؟


لا حوتَ أقبلَ لا لون السماءِ ولا
صوتُ البحار يُناديهُمْ هُنا قُوموا

الملحُ يشبهُهم كَانوا هُم الملحُ
يوم اشتعالِ الدُّجى فيهُمْ متى ناموا.

باسل عبد العال

30/8/2015

«بتول» أرض البرتقال الحزين

«بتول» أرض البرتقال الحزين

الصوت. صوتُ الولادة؟ لا. ما زال الوقتُ في يدنا. كم الساعة الآن؟ السادسة مساءً بتوقيت المخيم. يتضحُ الصوت في داخلي والحلم معاً في أول مولودٍ يُبشّرُ بالحياةِ، موعدي مع الطفولة الأولى، هل عدتُ طفلاً من جديد؟ هنا على أبواب الماضي ودرجات المستقبل القادم، لم تولد «بتول» بعد. أو ولدت منذ حلمتُ بالعذراء تعدُّ طقوس الولادة وأنا أحمرُّ وأصفرُّ من شدةِ الخوف، ما شكلُ ابنتي؟ أوّل الفجر والمعنى الجميل المشتق من اسم «مريم»، هي «بتول» الضوء الأنثوي الأعظم والعذراء السيدة والمعنى، فلسطينية الآلام ومقدسية المنشأ والعنوان، ولدت في ظل خيمةٍ على مفترق المساء بين غروب الشمس وساعة المطر الغزير، في ساعة الانتظار الطويل في خيمةٍ تحت المطر، ولدت.
سقط المطر بغزارةٍ واخضرّت مواسم الجفاف العاطفي في داخلي وولد الحنين إليها، للعيون التي تشبه البحر.
بتول نائمة، افتحي لها الستارة لأراها أوضح في قلبي. تمدُّ يدها. قولي لي شيئاً، وسامحيني يا ابنتي، ليس لنا من وطنٍ يحتويكِ. حال المخيم حالكِ أنتِ، فلا تسأليني عني وعن حقيبتي الضائعة بين المطارات، هنا الزمان، هنا المكانُ في ذروة الوجع الفلسطيني، اهلاً وسهلاً بالحياة. لا أعرف لماذا بتول؟ ولكنّي أدركُ المعنى تماماً، سلام عليها وعلى أرض البرتقال الحنون. سلام على أرضنا يا بتول.
ولو كان لي بيتي داخل البيت لكان عنبي أنضج وكان لك الحلم والفرح والطيران، حائراً ادورُ بين المنفى والمنفى والحروب بين الحدود، لا أستطيع الخروج من وجع السؤال، بيروتُ هناك وهنا الصحراء والمخيم سار على مسيرة النهر، فهل أعتذر لكِ مرةً اخرى؟ ومرةً اخرى أحملُ عنكِ عبء الكلام ونمضي معاً أنا وأنتِ يا قمري ويا حبي الجديد، يا أوّل القصيدة التي ولدت على إيقاع المسافة بيني وبينها، ويا أوّل الحروف في نغمٍ خفيفٍ يأتي ويذهبُ مثل ريح الخريف على أشجار ذاكرتي. أقف الآن على حبل الوقت أشدّهُ نحوي كي أراها، متى أراها؟ ويصمتُ نداء الروحِ في داخلي، متى أراها؟ ويبدأُ شتائي الجديد على باب مستقبلنا المنتظر، كأنها تحكي ولا تحكي، كأنها تقرأ في ساعة الحائط شيئاً ولا تقرأ، مضى فصلٌ جديدٌ، نفتحُ باب الربيع حيث يكثر لون الحب داخلنا ويخضرُّ سهل الطريق على الجانبين: وردتان لها ولأمّها، ولي انا كلاهما في عشقٍ نرجسيٍّ، قالوا ولدت وضاعت جبهة الكتابة بين أصابعِكَ ضاع الفراغُ وسقطت ساعة الشِعِر منكَ ، قلت كلما نامت أعزفُ لها لحن أغنيةٍ جديدةٍ فهي الفكرة والعبرة والطفلة وهي جوهر فرحي الابداعي الجميل، هي أنا وأنا هي وكلانا لأمّها عند المعاني والأغاني واتّحدنا في القصيدة في مشتركٍ جديدٍ لصورة اللغة التي تكبرُ، تكبرُ على لهف البلاغةِ، كلما بلغت «بتول» بدّلت السماء ثيابها واختارت ثوب الحقول، نظرتُ أعلى، نظرتُ تحت، هناك ابتسامتها التي تملأ ذاك المدى كالزنابقِ على جدران الريحِ، بكتِ الريح وضحكت «بتول»، وضحك المخيم مجاملةً على وتر البراءةِ.

سقط المطر بغزارةٍ واخضرّت مواسم الجفاف العاطفي في داخلي وولد الحنين إليها، للعيون التي تشبه البحر.بتول نائمة، افتحي لها الستارة لأراها أوضح في قلبي. تمدُّ يدها. قولي لي شيئاً، وسامحيني يا ابنتي، ليس لنا من وطنٍ يحتويكِ. حال المخيم حالكِ أنتِ، فلا تسأليني عني وعن حقيبتي الضائعة بين المطارات، هنا الزمان، هنا المكانُ في ذروة الوجع الفلسطيني، اهلاً وسهلاً بالحياة. لا أعرف لماذا بتول؟ ولكنّي أدركُ المعنى تماماً، سلام عليها وعلى أرض البرتقال الحنون. سلام على أرضنا يا بتول.ولو كان لي بيتي داخل البيت لكان عنبي أنضج وكان لك الحلم والفرح والطيران، حائراً ادورُ بين المنفى والمنفى والحروب بين الحدود، لا أستطيع الخروج من وجع السؤال، بيروتُ هناك وهنا الصحراء والمخيم سار على مسيرة النهر، فهل أعتذر لكِ مرةً اخرى؟ ومرةً اخرى أحملُ عنكِ عبء الكلام ونمضي معاً أنا وأنتِ يا قمري ويا حبي الجديد، يا أوّل القصيدة التي ولدت على إيقاع المسافة بيني وبينها، ويا أوّل الحروف في نغمٍ خفيفٍ يأتي ويذهبُ مثل ريح الخريف على أشجار ذاكرتي. أقف الآن على حبل الوقت أشدّهُ نحوي كي أراها، متى أراها؟ ويصمتُ نداء الروحِ في داخلي، متى أراها؟ ويبدأُ شتائي الجديد على باب مستقبلنا المنتظر، كأنها تحكي ولا تحكي، كأنها تقرأ في ساعة الحائط شيئاً ولا تقرأ، مضى فصلٌ جديدٌ، نفتحُ باب الربيع حيث يكثر لون الحب داخلنا ويخضرُّ سهل الطريق على الجانبين: وردتان لها ولأمّها، ولي انا كلاهما في عشقٍ نرجسيٍّ، قالوا ولدت وضاعت جبهة الكتابة بين أصابعِكَ ضاع الفراغُ وسقطت ساعة الشِعِر منكَ ، قلت كلما نامت أعزفُ لها لحن أغنيةٍ جديدةٍ فهي الفكرة والعبرة والطفلة وهي جوهر فرحي الابداعي الجميل، هي أنا وأنا هي وكلانا لأمّها عند المعاني والأغاني واتّحدنا في القصيدة في مشتركٍ جديدٍ لصورة اللغة التي تكبرُ، تكبرُ على لهف البلاغةِ، كلما بلغت «بتول» بدّلت السماء ثيابها واختارت ثوب الحقول، نظرتُ أعلى، نظرتُ تحت، هناك ابتسامتها التي تملأ ذاك المدى كالزنابقِ على جدران الريحِ، بكتِ الريح وضحكت «بتول»، وضحك المخيم مجاملةً على وتر البراءةِ.

باسل عبد العال

الجمعة، 4 سبتمبر 2015

" إمرأة الرسالة "، بين عكّا ولندن رواية الحب والثلج

" إمرأة الرسالة "، بين عكّا ولندن
رواية الحب والثلج

رواية " امرأة الرسالة" للأديبة، الروائية، والفنانة التشكيلية رجاء بكريّة  

  بقلم : باسل عبد العال" كانت عكّا يومها مستعدّة للقهر فقط ، وكان القائد المغوار مستعدّاً للنزال فقط،    شكل اللقاء كان خطّة مواجهة لا يمكن ان يخرج الطرفان منها متعادلين "                                                                               (امرأة الرّسالة)
اليوم انتهيتُ من قراءة الرواية / الرسالة وكان رأسي يعجُّ بأحداثها، أدركتُ الآن كيف تسافر الكلمات على متن الرّيحِ من عكّا إلى لندن "مدينة الثلج والكستناء " هكذا عشتُ الحب بين " نشوة وغسّיن"  المقم في لندن و"نشوة الفلسطينية الفاتنة ابنة عكّا " امرأة الرسالة " بطلة العطر والذاكرة. في خضمّ حبّها وجنونها بغسّان على هذه الجغرافيا بين وطنٍ قابعٍ تحت الاحتلال وبين مدينةٍ بيضاء يدثّرها الثلج يعيش الرجل الراحل فيها والباحث عن أوراق حبٍّ آتٍ من أنوثةٍ محاصرةٍ وتحاول هي أيضاً السفر إليه والمكوث في أحضانهِ للعثور على دفئهِ في طقسٍ لندنيٍّ باردٍ ، هنا يكتمل المعنى في مشاهد العشق وروائعهِ النابض بسحرٍ خفيٍّ كضباب المدينة البيضاء. عبرَ أسلوبٍ مشحونٍ بلغةٍ شعريةِ المذاق والروح تأخذنا إلى ذاك الحلم الطهور في حنين امرأةٍ إلى رجلٍ يقتلها بأسئلتهِ عن "فلسطينيّتها " التي لا تكفُّ عن التّأكيد، بأنّها ما زالت محتلة. هنا تبدأ الرواية، تشتعل الرؤية وتصهل فصولها في سماءٍ ترتدي ثوب الغيوم وتبدأ الرسالة المثخنة بالأشواق والاحتراق، ونابليون المشتبه به، ذاك الرجل الذي يستعد للمعركة  تقول، "جئتَ مثل نابليون في أحد الأيّام المحصّنة ضدّ كل أشكال الغزو ،كانت عكّا يومها مستعدّة للقهر فقط ، وكان القائد المغوار مستعدّاً للنزال فقط ، شكل اللقاء كان خطّة مواجهة لا يمكن ان يخرج الطرفان منها متعادلين" أهو نابليون حقا؟ القائد المغوار الّذي جاء مستًعداً  للنزال فقط؟ أم أنّه غسّان البطل يتقمّص دوره أيضا؟ وهل النهاية تفرض شكلاً من أشكال الهزيمة، أم الإنتصار؟ هذا هو السّؤال! هو ذات السّؤال الّذي هجست به "نشوة"  في الرواية، ولم تجتهد في الإجابة عليه. كأننا عبر هذا التّداخل بين الفرضيتين نعثر، هنا، على الترابط بين رسالتي العاشقين، والمدينتين. وبين عكّا ولندن يتبادل الغرباء / العشّاق رسائلهم واغترابهم في شهوة عشقٍ فجريٍّ، وسط الصقيعِ، وعلى صوت فيروز الصباحيّ الطالع من ثوب العتمة إلى ألوان الضوء. ذوبان " نشوة، وأنوثتها أمام" غسّان" يشعل فينا تلك النصوص الملحميّة التي تأخذنا إلى " قيس وليلى " وقصائد الحبّ القديمة التي زرعت فينا معنى الحب. نصّ يثير رمزية الحدس العاطفي، وتشظياته على صهوةِ الكلمات ومعانى الحرية.هو خطاب الحب بين طائرين يحملان الرسالة بمنقار القبلات العابرة من فصلٍ إلى فصلٍ وسط السحاب. مشهد عكّا البحري / شرفات لندن المبللة بالثلج الأبيض / ومسرح الغرباء الّذي تعمل فيه، مقابل مسرح السّرايا في يافا الذي كان ملاذاً لغسّان وفنّهِ. في المدينتين  ايقاع النشيد الذي يُنشد لهما، عال بعلوّ الموج. هو ذات العلوّ  لايقاع المدن التي عبرا منها الإثنين إلى أحلامهم الخاصة. لغسّان الفنان مشاريع حياة, وللوحاتهِ معنى آخر, كلما تأمل وجهها من زجاج البحر، حيث تواصل " نشوة" رسالتها، وتغرق بالدمعِ والبوح بأسرارها لغسّان. في وصف اختلاجات قلبها الصارخ في رغبةٍ ما تحت الشتاء. متى نلتقي غسّان ؟ تهمسُ وهي تنتظرهُ هناك على سريرٍ حارٍ، أنا وأنت وتبكي. تضيء اللوحة بألوانها ومعناها وتنضجُ الفكرة بها.                                                                        هكذا جسّدت الرواية ذالك الالتحام العاطفي، عالي النبرة في فصولٍ من مطرٍ رومانسيٍّ وولجت عالما ملحميّ الحب والحرية ، شفيف الألم والآهات في نبضات العشّاق وأمكنتهم المحاصرة وأزمنتهم / حرب الخليج حيث كان " وائل".  إلى العراق ، البصرة حيث كان "كاظم" هكذا تواصل الرسالة طيرانها فوق مدن العشق الرحبة في فضاءاها الأرحب ونداءاتها لعشّاقها الباحثين عنها الظمأى لها. عن نشوتها وأسمائها في ساعة انتظار البريد على شارع التوت ، هل وصلت الرسالة ؟ رسالة الأنثى المكتوبة بيدٍ من وردٍ، في اليد الواحدة، وباقة شوكٍ في الثانية، يعزّزها خيال امرأةٍ وفكر امرأةٍ أنضجته التّجربة، حين تقول:           " فكر المرأة يوثق بانوثةٍ عالية هواجسهِ ، فكر المرأة لا ينسى مرجعيتهِ حين يُعلن جدّيتهِ هكذا يعلِّم لؤم الرجال النساء النبش في ثقوب الألم"                                          يحب الرجل دائماً أن يكون كل الحكاية مثلما قالها هو ل " نشوة "  أمام عراء البحر، وأضاف  بأنّه لا يفهم الألغاز كثيراً ، هل كانت تكذب ام أنّها فعلا لا تفهم هذا الكلام؟ الخارج من قلب غسان بحرارة دمهِ. كلام غسّان هو كلام كل الرجال في هذا العصر حين تمتزج الصور بالمشاعر الجيّاشة أمام البحر. أمام هدوءٍ نسبيٍّ تكثر لغة الحنين إصرارا على البقاء معاً. وهي، كلما نطقت باسم " غسّان"  يصير للموج طعم الذاكرة ، ما أقوى علاقة البحر بالرسائل، والميناء بالانتظار والنوارس بالحنين العاطفي إلى قبلةٍ عابرة. جسدان يتعانقان أمام الغروب والشفق يضيء بالأحمر وجهيهما. هما لا يزالان، هما أبناء البحر. تضيء الرواية في سردها وتواصل نشيدها ومسيرتها بين مدينتين حين تسأل:  "هل يركض الحب في حيفا كما يركض في لندن" ؟ لندن وحيفا حيث العاشق والمعشوق يتبادلان الحب من بعدٍ جغرافيٍّ  تقرّبه روحيهما. بوحٌ حميميّ الجسد والحسّ في آن.  والخفقُ الحسيّ في المعنى المحمول على ورق الأسرار والأشواق بين اثنين من ضوء القمر يشعل حنين المسافة.     وفي الخاتمة تبدأ " نشوة " تتحسس حملها القادم. مفتاح عودتها ل"غسّان الكبير" ولقائه بغسّانهُ الصغير المحمول على وهن البطلة، "نشوة". لقد اتضح المشهد والمصير في النهاية  مصير الحب اللندنيّ شديد البرودة والاغتراب معاً حيث وصلت الرسالة ، فوقّعت على غلافها "امرأة الرسالة" مبللة بالملح تحمل رائحة "عكّا وأمواجها "  لتحرس الحب من الفقد. وصلت الرسالة إلى رجل المرأة، غسّان الكبير"، ربّما إيذانا بأنّ غسّان الصغير سيعيش في مكانٍ قصيٍّ، على متن سفينة حتّى يصل إليه، عنه تقول نشوة:                                   "هيىءْ لهُ أرجوك سريراً من قطنِ البحر "                                                فهل سيعيش غسّان الصّغير على حدود الأمكنة، حكاية تشبه حكاية العاشقين، بين بحرٍ وبحرٍ، هي ردم المسافة بين سور عكّا، وضباب لندن؟ هل سيعود بهما لذات المكان،الذي يصبو لاكتمال حبٍّ فلسطينيّ الملامح والفكرة. هكذا يظلّ العشق في المرأة والرّسالة مفتوحا على أشواق المدينة. كانت عكّا وظلّت عكّا!

قناة فلسطين اليوم تستضيف الشاعر باسل عبد العال ضمن برنامج صباح فلسطين بمقابلة هاتفية مباشرة

قناة فلسطين اليوم تستضيف الشاعر باسل عبد العال ضمن برنامج صباح فلسطين بمقابلة هاتفية مباشرة

لأن فلسطين حالة مغتصبة، ولأن الكتابة والشعر تحديداً أجدر من غيرهِ من الآداب بإعلان الحقيقة، كانت القصيدة مباشرة مراوغة ومحايدة، وأقوى من رصاصة تارة، وأرق من ماء تارة أخرى..
والشعراء هم أبلغ القول، وأولئك الشباب حين يكتبون يعيدون ترتيب الواقع كما يحلو لتراتبية الجمال والقبح.. وباسل عبد العال بمجموعته الشعرية الجديدة "كما قالت الأرض" ينسج الوطن والواقع المر بحرية الشعر، وجنون القلم.
 المجموعة الجديدة وقعت ضمن فعاليات معرض أبو ظبي الدولي للكتاب، وهي صادرة عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع وتقع بثلاثة وتسعين صفحة من القطع الصغير.
  - بدايةً هل نستطيع أن نقول أن مجموعتك الشعرية هذهِ، كلُّ ما قالتْ لكَ الأرض؟
لا ، بل هي الشرارة الأولى من كلام الأرض أو مفتاح حواري مع الأرض لأني حين كتبت الشعر منذ البدايات وجدت الوسيلة لكي أعقد علاقة شعرية وجمالية مع الأرض التي لم تنطق بعد، أنصت إليها وتنصت إليّ ، وأقولُ ما تقولُ فجئتُ أحملُ عنها الكلام ، ومن قال بأن الأرض لا تتحدّث مع سكّانها ولا تشبه سكّانها الأصليين / فهي تجرحُ حين يجرحون ، وتصرخ حين يصرخون ، فكيف إذا كانت فلسطين بأَنوثتها وجمالها الطليق ؟.
- تأتي قصائدك أحياناً بالعبارةِ المباشرة لتغوص فورا إلى العمق والالتباس، هل توافق على الفكرة، ولماذا؟
طبعاً أوافقها ، ليس هناك من التباس ربما بقدر ما هو تركيب رموز للعثور على عبارة شعرية كاملة ، أمّا المباشرة التي تمرُّ تارةً هي للتأكيد على صدقية الصورة الشعرية ، لكي لا يغرق القارىء أو يبتعد عن المشهد الشعري الحي في القصيدة ، بمعنى لكي يشعر بأنهُ جزء من موضوع النص وابن البيئة والوجع الواحد والمعنى أيضاً الذي يسحب القارىء إلى المبتغى وإلى ما يريدهُ الشاعر ، أنا أحاول دائماً اللعب بالرموز الشعرية ولكني أحذر بأن لا أسقط في هوّة الالتباس الكامل أو المباشرة الكاملة ، أي بأن أبقى على مسافة متوسطة من القارىء لكي يستطيع أن يشاركني هذا القلق وهذا الوجع.
-  قصائد المجموعة مذيلة بالمكان والزمان، هل لمجرد التوثيق، أم لأنهما يظهران بعداً لا بد أن يكون في القصيدة؟
أولاً هي مجموعة قصائد منفيّة " كتبت بين مكانين مختلفين في زمنٍ مختلف وولدت خارجهما" وتبحث عن مكانها وزمانها الأصليين ، لذلك هي ناطقة باسم الأرض ربما من شدّة الفقد والضياع والتيه ، نعم ، وثقت المكان والزمان وحملت عبء الطريق وطولها لتنشد : بأنّ لا بدّ من مكان . 

- يعتبر العديد من النقاد أن قصيدة "الأنثى الأرض" إن صح التعبير، انتهى زمنها، وعلى الشعر الفلسطيني البحث عن أدوات تعبير جديدة، ما رأيك بمثل هذا القول؟
برأيي  ، نعم يجب دائماً البحث عن أدوات شعرية جديدة وهذا يأتي من الثقافة العامة ، ولكن برأيي نحن الفلسطينيين نقدس الأنثى لأنها معطاءة مثل الأرض ولم نستطع الابتعاد عن هذا التعبير ربما من عظمة الأنثى فينا ،  لأنها حالة مختلفة بالنسبة لنا ، فرضت نفسها في تعبيرنا الشعري واستقرت فيه وصارت أحياناً تأتي عن ظهر قلب ، كلما ذهبت مع الزمن تعود وتتجدد كموضوع لأنها باقية في صلب القضية فاذن، هي باقية في صلب القصيدة.
- هل ترى أن التجربة الشعرية الفلسطينية بعد محمود درويش وسميح القاسم قادرة على انجاب تجارب جديدة قاردة على قول شيء جديد؟
طبعاً ، لأننا شعبٌ جديرٌ بالحياة ودائم العطاء ، ولا سيما في الفن والشعر ، ما زالت فلسطين تعطي شعراءها أكثر مما أعطوها وهي ما زالت حبلى بالجمال المتجدد ، فهناك أسماء كثيرة لمعت وهي أصوات فلسطينية جديدة وتبشر بمستقبل شعري جديد.
- بالطبع أنت غير متفرغ للشعر، وتعمل في مجال الإدارة، هل يأخذ عملك من شعرك؟

أحياناً أشعر بالاختناق في العمل ، فأفتح شرفة الكلمات لكي أتنفس شعراً ولكنني دائم البحث عن فسحةٍ ما للانصات إلى موهبتي وإلى القراءة ، كلما ابتعدت أحاول أن أقترب ، لكي أعدل ما بين هذا وذاك ، لأنّ الشعر أصبح جزء من يوميّاتي. 

" في صباحِ الجمعة أصحو "



صَباحي ، 
 نهاري الذي لا يجيءُ بدوني
صَباحي ،
خفيفٌ خجولٌ كسطحِ البحيرةِ
يوم التباريكِ بالحبِّ والحلمِ
في يومِ عيدي ،
وعيدي هو الفجرُ فجري الجديدْ ،
أراها ،
وأنهضُ صوب الهواءِ
وأولدُ فيها
ويبدأُ فيها نهاري ،
أنا من قصيدهْ ،
تُنادي نداء الصهيل
وتشهقُ بي ، هيَ لي
ما تبقّى هُنا من معاني كلامي
على سطحِ روحي
نظرتُ إلى الريحِ كل أقتفي أثر الضوءِ
ليس سوى صورتي من ستائرِ نافذتي
من بياضِ الجدارِ على بيت جاري
وظلّي الضليلُ
يزفُّ شُعوري إلى مُبتغى فكرتي
فأصحو كصحوِ السماءِ
وفنجانِ شايٍ صغيرٍ
يصيُّرُني نجمةً من سناء المكانِ
هو البحرُ بحري البعيدْ ،
على حركاتهِ تصهلُ إحدى الكتاباتِ
نفسي وحَدسي ويوميَ يومُ الخميس
بليلةِ جمعتِنا
باكراً نوقظُ الروح
نصحو ككأسٍ من الزنجبيلِ
نُصلّي ،
ونقرأُ ثمّ نعيدُ النشيدْ ،
هو الحلمُ في يومِ عيدْ .


باسل عبد العال
18/10/2015